الذاكرة الذبابية في الانتخابات البلدية

نشر في: آخر تعديل:

لم أستهجن أن نسبة غير المهتمين بالمشاركة بالانتخابات البلدية تقترب من ثلثي المواطنين، حسب دراسة تفصيلية أجرتها شبكة راصد، ليس لأن الناس باتت لا تعول على المشاركة وبلاويها، ولا لأن قلوبهم من الحامض (لاوية). بل أن المخرجات تكاد تكون ذاتها مع كل مرة يتوجهون إلى صناديق الاقتراع.  جريدة الدستور الأردنية

لكني سأستغل الصمت الانتخابي، الذي لن يلتزم به المرشحون كما عهدناهم، سأستغل الصمت المغشوش وأشتبك مع التجييش الذي رأيناه طيلة شهرين من هذه المعمعة: فقد رأينا صراعات في العشيرة الواحدة،، وشاهدنا إقصاءات مقيتة للمرأة، وتهميشها عبر مهزلة الصندوق الداخلي. وراقبنا اصطفافات وتحالفات عشائرية وصلت مرحلة كسر العظم. وتعصبا أعمى ورغبة جامحة بإلغاء الآخرين وطمسهم. جاهلية أن الدم هو الرابطة الأقوى. والشيء الوحيد المغيب عن المعركة ومتاريسها برنامج عمل يقدمه ويتبناه مرشح من المرشحين. جريدة الدستور الأردنية

البلدية ليست مشيخة، أو فرصة عمل متاحة، وليست (مضبّاً) للمتقاعدين الضجرين ، أو فسحة للهرب من (مناقرات أم العيال). البلدية هيئة حكم محلية تدير شؤون الحياة من مهد الإنسان إلى لحده. جريدة الدستور الأردنية

نعرف أن بلدياتنا تختزن أكبر رصيد من الفساد وتراكماته وطياته المسكوت عنها والمتواطأ بحقها من الجميع. ومع هذا لم نرَ يوماً رئيس بلدية نال عقابا رسميا أو شعبيا، بل نراهم يعودون للترشح معتمدين على ذاكرة الناس (الذبابية)، التي تنسى كل شيء بعد ثوان معدودة، مهما حصل لها، ولهذا تعود الذبابة لتقف في الموضع الذي كان سيكون فيه مقتلها. جريدة الدستور الأردنية

قبل سنوات تمنيت في هذه الزاوية، لو أن شاعراً أو أديبا يصبح عمدة لعمان وأخواتها، شاعرا يؤنسنها ويجعلنا ندرك أن المدن كائنات حية لها روح تتنفس وتنتعش وترتعش، وتحلم وتتطلع وتفكر وتحنو. جريدة الدستور الأردنية

لن أقول الساعة أننا بحاجة إلى شعراء في بلدياتنا، ليس لأنهم يرفضون الدخول في معمعيات هذا الخراب، إن كانوا شعراء حقيقيين. بل ما أريده مرشحين من صميم معاناتنا اليومية. نريدهم أن يجدوا حلا للقمامة التي تخنقنا، ويعيدوا ثقافة النظافة للحارات، ويجدوا حلولا للزحامات المروية التي ترهقنا، وكيف أن الإعتداءات على الشوارع تمحقنا وتهدر المال العام، وكيف صارت ميزة هذه البلد، رمي الأنقاض في أي مكان. جريدة الدستور الأردنية

في هذا الضوء الضوضائي: هل نحن قادرون أن نعيد للبلديات دورها الحقيقي في الحياة. بأن تهتم ليس فقد بالشارع المسفلت، أو الرصيف المبلط فقط، بل نهتم ونسعى لمكتبة للاطفال، وحديقة للعائلات وملاعب للشباب. فالبلدية إنسان قبل كل شيء. أم أن الذاكرة الذبابية ستتسيد هذه المرحلة من جديد. جريدة الدستور الأردنية

جميع الحقوق محفوظة.
لا يجوز استخدام أي مادة من مواد هذا الموقع أو نسخها أو إعادة نشرها أو نقلها كليا أو جزئيا دون الحصول على إذن خطي من الناشر تحت طائلة المسائلة القانونية.